الابتزاز هو أحد السلوكيات الوضيعة التي يسعى البعض من خلالها لاستغلال ظروف معينة والضغط على الطرف الآخر للحصول على مآرب غير مشروعة، والابتزاز السياسي يعد أسوأ بكثير من الابتزاز الشخصي لأسباب عديدة؛ أهمها أن تأثيره ينسحب على دول وشعوب بأكملها وليس على فرد أو عدة أفراد، كما أن تداعياته قد تكون غاية في السوء حيث بإمكانه التسبب في حدوث ظواهر شديدة الخطورة مثل الإرهاب عابر القارات نتيجة للشعور بالغبن والظلم. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت من النتائج الرئيسية لهذه الحرب تقسيم العالم لقطبين أساسيين تدور كافة دول العالم في نطاقهما، وتم تصنيف شعوب الأرض لعالم أول غربي وعالم ثانٍ شرقي وعالم ثالث نامٍ، وتسيدت القوى العظمى المشهد السياسي العالمي وفرضت مصالحها على بقية دول العالم مشكلة واقعا جديدا مغايرا، واحتكرت التفوق الصناعي خاصة العسكري منه، وبررت لنفسها حق احتكار تطوير السلاح النووي، وأنشئت الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتحيزاتهما المعروفة التي تسببتا في نشوء الكثير من الصراعات الإقليمية بدلا من إخمادها.
تسببت سياسات مجلس الأمن المضطربة سواء بالتحيز أو التجاهل في تأجيج الكثير من الصراعات واختلال موازين القوى، ومن خلال استمرار الصراعات استفادت الكثير من الدول المصدرة للأسلحة من استدامة تصنيع الأسلحة، وبالتالي لم يعد في مصلحة الدول الكبرى وقف الصراعات والجنوح إلى السلم، بل أضحت الصراعات المشتعلة موردا متجددا للدخل فيها، وتداخلت السياسة مع الاقتصاد ليتفاقم الوضع داخل الدول المتأزمة والتي باتت ضحية الابتزاز السياسي، ومع دخول الصراع النووي حلبة السباق ازداد الابتزاز واتضحت الكثير من معالمه.
ومع تزايد ادعاءات إعلام وساسة الغرب حول القيود المفروضة على تطوير المشاريع النووية، ومع مرور الأعوام وتضارب المواقف الدولية وتخاذلها بات من الواضح أن السلاح النووي هو مجرد أداة للابتزاز، ففي الوقت الذي يستمر فيه التخاذل في مفاوضات نووي إيران، يشجع الغرب الدول المتضررة من هذا المشروع لبناء ترسانة عسكرية لمواجهة حماقات الحكومة الإيرانية، وهذا الأمر أثبته انخراط العديد من الدول الغربية نفسها في تطوير برنامج إيران النووي، مما ألقى بظلاله على مدى مصداقة العالم الغربي في وقف هذا البرنامج، وأجج الشكوك حول المستفيدين من هذا الوضع المضطرب.
وهناك أيضا ما يعرف بتنظيم داعش الذي يتمدد يوما بعد يوم ويحيل المناطق التي يستولي عليها لرماد تذروه الرياح، فالولايات المتحدة التي اجتاحت العراق العام 2003 وأسقطت نظاما استمر لمدة ثلاثين عاما وهزمت جيشا نظاميا خلال ثلاثة أسابيع فقط بحجة امتلاكه أسلحة «دمار شامل»، تعجز حاليا عن مواجهة شلة من المرتزقة من هنا وهناك وتدعي بأن الأمر يحتاج إلى سنين طويلة، لقد صرح الغرب وقتئذ بأنه أزاح نظاما خطرا على المنطقة، لكنه أورثنا نظاما أخطر منه، نظاما مواليا لإيران قلبا وقالبا ليتحقق له مبدأ «الابتزاز الشامل».
وأخيرا وليس آخرا ظهرت ويكليكس على مسرح الأحداث كأحدث حلقة في مسلسل الابتزاز السياسي، لقد برهنت كل الأدلة على أن ويكليكس هي صنيعة بعض أجهزة الاستخبارات العالمية وأحد أدوات ابتزازها الحديثة، وأن كل المعارك الكلامية بينهما هي محاولة لإقناع العالم بحياديتها، ومنذ أسابيع قليلة خرجت علينا قناة ويكليكس السينمائية بفيلم مفبرك مفضوح عن نشر عشرات الألوف من الوثائق المهربة تخص المملكة ودبلوماسيتها الخارجية، وبخلاف درجة التزوير الواضحة في صوغ هذه الوثائق، إلا أن الأهم هو البحث عن توقيت نشرها والوقوف على المستفيدين من نشرها، ولا شك عندي في أن بعض الدول الغربية -ولا أريد تسميتها هنا- أقرب ما تكون في إدارتها لشؤونها الخارجية لأسلوب العصابات وهو ما أكده بعض النشطاء السياسيين الغربيين مثل مايلز كوبلاند في كتابه «لعبة الأمم» وجون بيركنز في كتابه «الاغتيال الاقتصادي للأمم».
لا شك أن الشعب السعودي شعب واع بطبعه، وهو شعب متعلم يثق بحكامه ويحترم قادته، وحرية القراءة والمتابعة عبر وسائل الاتصالات المختلفة من برامج فضائية ومواقع على النت وغيرها متاحة للجميع، وهذا ما أفقد الإعلام الغربي عرشه التقليدي وقدرته على الهيمنة على العقول، وقد ازداد الوعي والإدراك بالتزامن مع ثورة الاتصالات الأخيرة، وهي الثورة التي لم تزد جموع الشعب السعودي إلا ثقة بسياسات المملكة الاستراتيجية وبحكمة قاداتها على مر العصور.
تسببت سياسات مجلس الأمن المضطربة سواء بالتحيز أو التجاهل في تأجيج الكثير من الصراعات واختلال موازين القوى، ومن خلال استمرار الصراعات استفادت الكثير من الدول المصدرة للأسلحة من استدامة تصنيع الأسلحة، وبالتالي لم يعد في مصلحة الدول الكبرى وقف الصراعات والجنوح إلى السلم، بل أضحت الصراعات المشتعلة موردا متجددا للدخل فيها، وتداخلت السياسة مع الاقتصاد ليتفاقم الوضع داخل الدول المتأزمة والتي باتت ضحية الابتزاز السياسي، ومع دخول الصراع النووي حلبة السباق ازداد الابتزاز واتضحت الكثير من معالمه.
ومع تزايد ادعاءات إعلام وساسة الغرب حول القيود المفروضة على تطوير المشاريع النووية، ومع مرور الأعوام وتضارب المواقف الدولية وتخاذلها بات من الواضح أن السلاح النووي هو مجرد أداة للابتزاز، ففي الوقت الذي يستمر فيه التخاذل في مفاوضات نووي إيران، يشجع الغرب الدول المتضررة من هذا المشروع لبناء ترسانة عسكرية لمواجهة حماقات الحكومة الإيرانية، وهذا الأمر أثبته انخراط العديد من الدول الغربية نفسها في تطوير برنامج إيران النووي، مما ألقى بظلاله على مدى مصداقة العالم الغربي في وقف هذا البرنامج، وأجج الشكوك حول المستفيدين من هذا الوضع المضطرب.
وهناك أيضا ما يعرف بتنظيم داعش الذي يتمدد يوما بعد يوم ويحيل المناطق التي يستولي عليها لرماد تذروه الرياح، فالولايات المتحدة التي اجتاحت العراق العام 2003 وأسقطت نظاما استمر لمدة ثلاثين عاما وهزمت جيشا نظاميا خلال ثلاثة أسابيع فقط بحجة امتلاكه أسلحة «دمار شامل»، تعجز حاليا عن مواجهة شلة من المرتزقة من هنا وهناك وتدعي بأن الأمر يحتاج إلى سنين طويلة، لقد صرح الغرب وقتئذ بأنه أزاح نظاما خطرا على المنطقة، لكنه أورثنا نظاما أخطر منه، نظاما مواليا لإيران قلبا وقالبا ليتحقق له مبدأ «الابتزاز الشامل».
وأخيرا وليس آخرا ظهرت ويكليكس على مسرح الأحداث كأحدث حلقة في مسلسل الابتزاز السياسي، لقد برهنت كل الأدلة على أن ويكليكس هي صنيعة بعض أجهزة الاستخبارات العالمية وأحد أدوات ابتزازها الحديثة، وأن كل المعارك الكلامية بينهما هي محاولة لإقناع العالم بحياديتها، ومنذ أسابيع قليلة خرجت علينا قناة ويكليكس السينمائية بفيلم مفبرك مفضوح عن نشر عشرات الألوف من الوثائق المهربة تخص المملكة ودبلوماسيتها الخارجية، وبخلاف درجة التزوير الواضحة في صوغ هذه الوثائق، إلا أن الأهم هو البحث عن توقيت نشرها والوقوف على المستفيدين من نشرها، ولا شك عندي في أن بعض الدول الغربية -ولا أريد تسميتها هنا- أقرب ما تكون في إدارتها لشؤونها الخارجية لأسلوب العصابات وهو ما أكده بعض النشطاء السياسيين الغربيين مثل مايلز كوبلاند في كتابه «لعبة الأمم» وجون بيركنز في كتابه «الاغتيال الاقتصادي للأمم».
لا شك أن الشعب السعودي شعب واع بطبعه، وهو شعب متعلم يثق بحكامه ويحترم قادته، وحرية القراءة والمتابعة عبر وسائل الاتصالات المختلفة من برامج فضائية ومواقع على النت وغيرها متاحة للجميع، وهذا ما أفقد الإعلام الغربي عرشه التقليدي وقدرته على الهيمنة على العقول، وقد ازداد الوعي والإدراك بالتزامن مع ثورة الاتصالات الأخيرة، وهي الثورة التي لم تزد جموع الشعب السعودي إلا ثقة بسياسات المملكة الاستراتيجية وبحكمة قاداتها على مر العصور.